دموع فريد الأطرش - الجزء الثامن عشر - 18

تكملة ----- الكلام منقول من كتاب { دموع فريد الأطرش ، لمؤلفه الأستاذ فوميل لبيب } --- { الجزء التاسع والأخير من الفصل الثالث } --- { فريد الأطرش .. أول الطريق .. الفصل الثالث } ----- وذهب فريد الأطرش إلى الامتحان مع عوده فقط ، وكان في لجنة الامتحان ثلاثة يعرف فريد اثنين منهم ، محمد فتحي ومصطفى رضا ، وثالثهما سعيد لطفي .. ساقط في الامتحان لا محالة ، فها هي الأغلبية من لجنة معهد الموسيقى التي حكمت عليك بالفشل وكتبت عليك صك الهزيمة ! فهل تأخذها من قصيرها وتنسحب ؟ . وحانت منه نظرة إلى الباب المفتوح فوجد مدحت عاصم مقبلاً .. فأحس أنه مدين لهذا الرجل .. وأنه ينبغي عليه أن يؤدي الامتحان ، ويبدع فيه . ويكون عند حسن ظن مدحت عاصم به ! فلما أعطوه إشارة ليبدأ عزفه على العود ، غنى الليالي والموال ، وبدأت النتيجة تعلن على صفحات وجوههم ، فشجعه هذا على الإبداع .. ولعلع صوته وزغردت أوتار عوده وقال له مصطفى رضا ! نهنئك بالنجاح .... ولم يكن النجاح عملية رابحة عند فريد ! أن ربحها الوحيد أن شطب من حياته وثيقة الهزيمة التي كتبها معهد الموسيقى ، وجعل الذين حكموا عليه بالفشل يحكمون له بالتفوق والنصر .. ومن ناحية أخرى بدأت تبعات الوقوف أمام الميكرفون تقف له بالمرصاد ! كان لا بد له من أغان مستقلة ..فذهب إلى صديقه يوسف بدروس الذي وضع له في ليلة واحدة أغنية { بحب من غير أمل } .. وفي الليلة التالية قضى فريد مع عوده ساعات الليل حتى غمره نور الفجر .. وكان قد نمق لحنها ! وطار بالنص واللحن لمدحت عاصم فوافق عليهما .. وأبرم معه عقداً ينص على أن يغني في الأسبوع وصلتين ، وكل وصلة نصف ساعة ، وأجر الوصلتين أربعة جنيهات : فسأل فريد مدحت عاصم ، هل سأغني وصلتين بأربعة جنيهات ؟ : فقال مدحت عاصم وكأنه يعاتب فريداً إن ناقشه في الأمر ! أجور الإذاعة ضئيلة ولكنك تعوضها بالشهرة والبريق .. وكان فريد يعرف أن مناقشة اللوائح الإذاعية لا تجدي ، فقال لمدحت عاصم ! أشكركَ على كل حال .. وحين خرج فريد من الإذاعة كاد رأسه ينفجر بالأرقام وهو يحصي كم يلزمه للفرقة الموسيقية ، فإن رأيه قد استقر على أن تصاحبه فرقة موسيقية مرموقة ، لأن الفرقة الموسيقية تصنع نصف النجاح ، وكانت أشهر فرقة في تلك الأيام فرقة العقاد ، وفيها عازفان شهيران هما أحمد الحفناوي ويعقوب طاطيوس ، واقترح على الفرقة أن تتزود بآلات غربية حتى يتقدم فريد للمستمعين بلون في الغناء والنغم جديد ! وعمل البروفات فكلفه كل هذا اثني عشر جنيهاً ، وكان يوسف بدروس متطوعاً بكلمات الأغنية ... كان تشجيع الجمهور عندما استمع إليه أول مرة كان كبيراً ! فقد أحس فريد أن وزنه يزداد مع كل خطاب تتلقاه الإذاعة طالباً أغانيه ! أحس فريد منذ ذلك الحين أن رباطاً خفياً يربطه بهذا الجمهور الذي لا يراه .. وأحس أن هذا الرابط يقوى بعد كل مرة يقف فيها أمام الميكروفون ، وحين اختارته الإذاعة لحفلة تذاع عند سفح الهرم ، قال حافظ عبد الوهاب للمستمعين : أقدم لكم المطرب فريد الأطرش .. الفنان الذي وصل إلى المرتبة الأولى في النغم والطرب قبل أن يكمل عاماً في الإذاعة .. وحين غنى فريد الأطرش { يا ريتني طير ، وباحب من غير أمل } .. كانت هناك فتاة سمراء ، أسيلة الخد ، شماء الأنف ، زيتونية العينين .. كانت تسمعه .. وعيناها تبكيان ! .. وقلبها يردد البكاء ..... { نهاية الفصل الثالث } ..... نكمل فيما بعد ...

كل الشكر والتقدير لك استاذ يوسف
على الجهود الكبيره
تحياتي